الإسلام و الثورة على الظلم
خلق الله
عز وجل العباد من ذكر وأنثى وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا على البر
والتقوى ودفع الإثم والعدوان.
وقد طلب
الله سبحانه إلى عباده منذ أن خلقهم أن يكونوا إخوةً متحاجين تسود بينهم علاقات
العطف والتراحم، فلا يظلم قويٌ ضعيفاً، ولا يعتدي كبيرٌ على صغير، ولا يهضم متسلط
حقوق الآخرين.
ومن أجل
هذا حرم الله الظلم على عباده، بعدما حرمه على نفسه، قال تعالى في الحديث القدسي :
{
يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا }
فالظلم
نهايته أليمة وعواقبه وخيمة وما تظالم قوم إلا حل بهم الهلاك وأتاهم العذاب من حيث
لا يشعرون.
ولنا فيما حل بالأمم الغابرة عظة وعبرة حين طغت
وبغت وظلم بعضها بعضاً وعتت عن أمر ربها فرأينا كيف أخذها ربها وعذبها عذاباً
نكرى. قال تعالى:
{ وكذلك أخذ
ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليمٌ شديد }
الظلم
مجاوزة الحدود التي شرعها الله تعالى لحفظ الكرامة، وتوفير العدالة وتوطيد الأمن
والإستقرار، هو تجاوزٌ للحق إلى الباطل، وضياع للعدل واتباع للهوى وتطاول على
الحقوق والحرمات التي قدسها الله تعالى. الظلم لا يصدر عن شخصيات حاقدة لئيمة،
رديئة الطبع، خبيثة النفس، قد ضعف فيها الوازع الديني والخلقي وقصات منها القلوب
فلم تخش لله مقاماً ولا خافت منه إنتقاماً.
والظلم
أمر تنكره العقول السليمة، وتمجه النفوس الكريمة، لأنه يشوه الحياة ويحيلها ألماً
وشقاء، فلا يطيق بها الناس إحتمالاً ولا يستطيعون عليها صبراً. قال النبي
عليه الصلاة والسلام:
{ إياكم والظلم، فإن الظلم
ظلمات يوم القيامة }
وقال
أيضاً {
اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب }
أما
الظالم فإن ربك له بالمرصاد قال تعالى :
{ ولا تحسبن
الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار }
وإن ظلمه
سيعود إليه بشر العواقب في الدنيا وفي الآخرة، وسيكون ظلمه ظلمات يوم القيامة فلا
يبصر طريقاً ولا يجد
مخرجا.
للظلم
أنواع كثيرة وأساليب عديدة:
فمن
الظلم أكل أموال الناس بالباطل ويتل البريء وتعذيب الضعيف. ومن الظلم التطاول على
حرمات الناس وأعراضهم والنيل من أشخاصهم بالجرح والقذف والبهتان. كما أن الظلم
العجب والخيلاء والكبرياء والبغي بغير الحق.
وأظلم
الناس لنفسه وللآخرين من ينهش الأعراض ويسعى بين الناس بالفساد يبغيهم الفتنة
وبتربص بهم دوائر السوء. وأظلم من هذا من يتتبع عورات المسلمين وينشر قالة السوء
في المجتمع ويحب أن تشيع الفاحشة وتعم الرذيلة فلا يبقى خلق ولا دين. وأشد ظلماً
وأعظم جرما من يغش الأمة ويضلل الرعية ويقسو على عباد الله تعالى إن كان حاكماً
وأميراً فلا يسعى لخير أمته ولا يرعى حقوق وطنه. أما الظلم الذي لا يعدله ظلم فهو
أن يتخذ الإنسان من الطواغيت والشركاء من يتوجه إليه بالسؤال والدعاء
والتقديس معتقداً أنهم ينقعون أو يضرون. قال تعالى:
{ إن الشرك
لظلم عظيم }
قد ينقلب
بهذا السلوك إلى مناصرة الظالمين فيكون منهم ومصيرة معهم قال تعالى:
{ولا تركنوا
إلى الذين ظلموا فتمسكم النار }
الظلم من
أي معتد شديد الواقع على النفس ، مر المذاق لكنه يكون أشد وقعاً وأمر مذاقا حين
يلحق المسلم الحر الأبي من عدو دينه وعدو وطنه، فمن الواجب أن يعمل المسلم على
التخلص من الظلم ودحر الظالمين بالتدبير وإحكام الرأي إلى جانب القوة التي يأخذ
نفسه بإعدادها.
متى تجمع القلب الذكي
وصارما **
وأنفا حمياٌ تجتنبك المظالم
إن
الاسلام يربي معتنقيه على عزة النفس، ورفض الظلم والوقوف في وجه الإعتداء.
قال تعالى:
{ فمن إعتدى
عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين }
والمسلم
العزيز النفس هو الذي يغار على دينه أن تنتهك حرماته، ويغار على إخوته في الدين
والوطن أن ينالهم ظلم أو أن يقع عليهم إعتداء، فيجاهد لرفع الظلم عنهم ويكافح لرد
الإعتداء حتى لا يهضم حق من حقوقهم أو يغتصب شبر من وطنهم. فالمسلم المعتز بالله
الحريص على دينه ألمحب لإخوته في الإيمان يجب أن يتحلى بكل الصفات الكريمة وعلى
رأسها إباء الضيم إذ به يحفظ الشرف ويصون الكرامة ويحمي الحقوق.
اللهم أن
بالمسلمين من الجهد والضنك والضيق والظلم مالا نشكوه إلا إليك ، لا اله إلا الله
العظيم الحليم , لا اله إلا الله رب العرش الكريم ، لا اله إلا الله رب السموات
ورب الأرض ورب العرش العظيم
اللهم كن لأهلنا في سوريا ناصراً ومعيناً اللهم ارزقهم الأمن والأمان والسلامة
والإيمان
No comments:
Post a Comment